عاش قديما تاجر بخيل ليس لديه أحد سوى ابنته الشابة وكانت على قدر عظيم من الجمال لذا تسابق الشباب على خطبتها ..
فلما انقضت مدة الأجل .. فوجئ الاب بانقطاع زيارة ابنته له فافتقد رفقتها واستئناسه بها .. ومرت الاسابيع ثم الشهور دون ان يعرف خبرا لها .. فسائت حالته وتردى وضعه المعاشي فأخذ يلهج بذكر ابنته ويضج بشوقه اليها .. وكان ان ندم ندما شديدا على تفريطه بها فأخذ يجول في الطرقات كالمچنون بحثا عنها حتى اهتدى الى منزل زوجها بعد عناء .. فطرق الباب ففتح له زوجها قائلا :
- يا بني أنا والد زوجتك .. ألم تتعرف إلي ؟
- بلى لقد عرفتك .. ماذا تريد ؟
صدم الوالد المنكوب من هذا الموقف وتجاهل زوج ابنته له .. لكنه تحامل على مضض وقال :
أريد ان أرى ابنتي .. ولو للحظة .. ارجوك .. بل أتوسل إليك ..
- آسف يا سيدي .. تعلم ان بيننا عقدا وقد اصبحت ابنتك بموجبه ملكي لأنك بعتها لي بعد أن دفعت لك مبلغا هائلا .. لذا ليس لك الحق بعد الان بالمطالبة بها أو رؤيتها .. بل ان مجرد وقوفك على بابي يعتبر إخلالاً بالاتفاق .. إنصرف الان وإلا استدعيت الحرس ..
لا أريد نقودا بعد الان .. سأعيد اليك كل مالك الذي أخذته منك ولكن اسمح لي برؤية ابنتي مجددا .
- آسف يا سيدي .. الاتفاق قد تم ولا رجعة فيه .. ولكن اذا أردت عمل اتفاق آخر فسأقول انه يمكنك استعادة ابنتك مقابل ضعف المبلغ الذي دفعته لك ..
سكت الشاب لحظة ثم واصل حديثه :
ماذا الان ايها العجوز ..؟ هل تساوي ابنتك هذا المبلغ ؟ بل هل مازلت تعتبرها سلعة وتقارنها بالمال ؟ أم ان اموال الدنيا كلها لا شيئ مقارنة بها .. وأنت الذي استوليت على مهرها وهو حقها ؟
انا موافق .. سأدفع لك ما تريد .
وهنا أخرج الشاب ورقة وقال :
اذن تعال لنوقع عقدا جديدا تدفع لي بموجبه ضعف المبلغ الذي قبضته مني مقابل إلغاء العقد السابق وعودة ابنتك لتزورك من جديد .
قام الاثنان بتوقيع العقد وشهد بعض الجيران على ذلك .. تلاها ان دخل الاب أخيرا وقابل ابنته فاستقبلها بين ذراعيه وقبلها بين عينيها وبكيا معا .. ثم اعتذر منها على صنيعه بها وبالغ في الاعتذار فقبلت ابنته يديه وقبلت اعتذاره .. وهنا دخل زوج ابنته وقال :
وهنا اخرج العقد الجديد وقام بتمزيقه امامه ثم أضاف :
اعلم يا عمي ان البنات لسن سلع تباع وتشترى .. بل هن ودائع الرحمن ونعمه إلينا ... نحوطهن بأعيننا ونصونهن بقلوبنا لنحظى برضى الله ودوام توفيقاته علينا .